إنّ شهر رمضان هو شهر الخير والبركات، فيه تُضاعف الأجور والحسنات، وتنزل رحمات الله - عز وجل - على عباده ويُغفر لهم ذنوبهم بإذنه، ولذلك يجتهد المسلمون في العشر الأواخر من رمضان لاغتنام فضل ليلة ٢٧ رمضان من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة والطاعات؛ ظنًا منهم أنها ليلة القدر، لكن هي ليلة القدر حقًا؟ وما الأعمال التي يُرجى القيام بها في ليلة 27 رمضان؟ هذا ما سنعرفه تفصيلًا من خلال السطور القادمة.
فضل ليلة ٢٧ رمضان وأثرها العظيم
إنّ كل أيام شهر رمضان مباركة، لكن يكمن فضل ليلة ٢٧ رمضان على وجه الخصوص إذا وافقت ليلة القدر؛ إذ ذكر الله سبحانه وتعالى أنها أفضل الليالي لما فيها من فضل تنزيل القرآن، قال تعالى: " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ" (سورة القدر 1-5).
هل ليلة 27 رمضان هي ليلة القدر؟
اعتاد المسلمون الاجتماع في ليلة السابع والعشرين ليُقيموا ليلة القدر، وكأنهم جازمين أنها ليلة القدر، لكن ما يُعرف يقينًا أن الله سبحانه وتعالى قد أخفى موعد ليلة القدر عن عباده وجعل الرسول ينساها حتى لا يخبر أمته؛ لكي يرى اجتهاد العباد وسعيهم في الأعمال الصالحة، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه:
"أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أيْقَظَنِي بَعْضُ أهْلِي، فَنُسِّيتُها، فالْتَمِسُوها في العَشْرِ الغَوابِرِ" صحيح مسلم، ولا حرج في الاجتهاد في العبادة في هذه الليلة أكثر من غيرها تمنيًا بالفوز بمصادفة ليلة القدر، بل إنه أمر مستحب، لكن يظل من الضروري تحري المسلم لهذه الليلة في العشر الأواخر كلها.
حيث أجزم النبيّ أن ليلة القدر تأتي في الليالي الوترية من العشر الأواخر، وقد روي أبو سعيد الخدري: "التمِسوها في العشرِ الأواخرِ في تاسعةٍ تبقى، في سابعةٍ تبقى، في خامسةٍ تبقى. زاد النسائي على مسلم: أو ثلثُ آخرِ ليلةٍ".
ورُغم فضل ليلة ٢٧ رمضان لم يجزم أن ليلة القدر في هذه الليلة تحديدًا؛ إذ دلت الأحاديث النبوية الشريفة على أن ليلة القدر متنقلة في العشر الأواخر ولا تأتي في يوم محدد كل سنة، لكن موافقتها ليوم 27 من رمضان هذا ما رجحه الإمام أحمد وجماعة من أهل العلم.
أفضل أعمال العشر الأواخر من رمضان
كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يجتهد بشكلٍ أكبر في عبادة الله - عز وجل - في العشر الأواخر من شهر رمضان أكثر من باقي الليالي؛ نظرًا لضمّها ليلة القدر التي هي خير ليالي السنة، وقد جاء الدليل على ذلك في رواية عائشة رضي الله عنها:
" كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ" صحيح البخاري، ولأن لنا في رسول الله أسوة حسنة، يجب أن نقتدي به ونفعل مثلما كان يفعل، ونجتهد في كلٍ من العشر الأواخر وليلة 27 رمضان بأفضل الأعمال والعبادات، ومن أهمها:
1- الدعاء وذكر الله
ينتظر عباد الله المسلمين أي فرصة لكي يدعونه بما يتمنون ويريدون تحقيقه في الدنيا والآخرة، ولا يجدون أفضل من ليلة القدر، التي يُرجح أنها تكون في الليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان، لذا فإن الدعاء والذكر من أفضل الأعمال التي يُمكن القيام بها في هذه الليلة.
ورُغم أن المرء يستطيع الدعاء بما يريد دون قيود، إلا أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد نصحنا بأجلّ الدعاء؛ حيث روت عائشة رضي الله عنها: "سألَتْهُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عائشةُ رضي الله عنها إنْ وافقتُها فبِمَ أدعو؟ قال قولي اللهمَّ إنك عفوٌ تحبُّ العفوَ فاعفُ عني".
كما أن دعاء العبد لا يقتصر على ما لنفسه فقط، بل يستطيع الدعاء لنفسه وأقاربه وأحبابه وكل من يعرفهم؛ حيث إنها ليلة جليلة تُقدر فيها الآجال والأرزاق بإذن الله، فيدعو الإنسان بأن يقدر الله له كل ما هو خير في أمور دينه ودنياه، فقط عليه أن يخلص النية لله ويدعو بقلبٍ حاضر، ويتوب إلى الله توبة نصوحة من كل ذنب ومعصية.
2- قيام الليل
إذا وافقت ليلة 27 من رمضان ليلة القدر، فإن من اعتكف فيها وأقام الليل قد فاز بأجرٍ عظيم، حيث روى أبو هريرة رضي الله عنه: "مَن صامَ رمضانَ وقامَهُ، إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ" صحيح الترمذي.
3- قراءة القرآن
إنّ قراءة القرآن الكريم وتلاوته من العبادات ذي الأجر والفضل العظيم وقتما قام بها العبد المسلم، لكن حتمًا لها فضل أعظم إذا تمت في ليالي مباركة مثل العشر الأواخر من شهر رمضان، وعلى وجه الخصوص ليلة 27 رمضان إذا وافقت ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر.
4- العمل الصالح
بجانب القيام وتلاوة القرآن الكريم والاستغفار والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم، يُفضل القيام بالأعمال الصالحة في الليالي المباركة؛ لما فيها من مضاعفة الأجر والثواب، وهو ما يتمثل في فعلٍ طيب أو صدقة حسنة.
الآن بإمكانك التبرع اونلاين من خلال جمعية أصدقاء القلب الخيرية وتقديم التبرع بنيّة الصدقة الخالصة إلى الله تعالى، ومساعدة مرضى القلب من مختلف الفئات العمرية؛ إذ تستقبل الجمعية الصدقات والزكاة وتتيح الاستفادة منها بأكثر من شكل لمساعدة أكبر عدد ممكن من المحتاجين.
5- التوبة النصوحة
هناك من المسلمين من يجتهد في رمضان ويتوب إلى الله مما ارتكب من الذنوب ثم يعود إلى سلوكياته السيئة بعد انتهاء الشهر المبارك، وفي ذلك خطر عظيم على نفسه ومدى تقربه من الله، لذا من أفضل الأعمال التي يُمكن القيام بها أن يعتزم عزمًا صادقًا على التوبة والاستمرار في طاعة الله حتى بعد انتهاء أيام رمضان المباركة، والحذر من الإصرار على المعاصي.
ولذلك عظيم الأجر والثواب؛ حيث ذكر الله في كتابه الكريم أن الذين اعترفوا بربهم وآمنوا به وأخلصوا له العبادة واستقاموا على ذلك يُبشرون بأن لا خوف عليهم عند الموت، فقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ" (سورة فصلت 30).
شهر رمضان هو أعظم الشهور عند الله سبحانه وتعالى، وأعظم الليالي فيه ليلة القدر، لذا اجتهد الصحابة في تحريها ومحاولات تحديدها، وأوضح الله ورسوله فضل ليلة ٢٧ رمضان إذا وافقت ليلة القدر، لذا اغتنم الفرصة وسارع بتقديم صدقتك أو زكاتك على هيئة تبرع اونلاين في جمعية أصدقاء القلب الخيرية في العشر الأواخر من شهر رمضان لضمان عظيم الأجر والثواب.
اقرأ أيضًا: