ليس الموت وحده ما يُنهي الحياة، بل الألم المُهمل، والفقر الموجع، والتجاهل البارد، وكثيرون من كبار السن يمشون اليوم على أطراف وجعهم، لا يشكون، ولا يسألون، لكن قلوبهم تتآكل في صمت، ومشافيهم فارغة، وجيوبهم خالية، وأرواحهم عالقة بين الرغبة في البقاء، والعجز عن التحمل، وجراحات القلب حين تُمنح لهم بلا مقابل، بمثابة وفاء لرحلة حياةٍ طويلة، بدأوها منذ عقود في خدمة مجتمعاتهم، واليوم يقفون في آخر الطريق، يرجون رحمةً لا تنزل إلا من الله، ويقينًا لا يتحقق إلا بتكافل المجتمع، ولذلك في السطور التالية سنُعرفك على الملجأ لعمليات القلب المجانية لكبار السن.
عمليات القلب المجانية لكبار السن "جراحات القلب.. أمل يتجدد في خريف العمر"
في زحمة الأيام، حين يشتد وقع السنين على الجسد، وتخبو حيوية الشباب في صدور المسنين، يبقى القلب نابضًا بما تبقى من أمل.
وما بين صدى الشكوى وأنين الألم، تقف جراحات القلب الكبرى كأمل أخير، يُعيد إليهم الحياة بثوبٍ جديد، فالقلب هو نبع الحياة، ومصدر الشعور، ومحرّك لكل حركة وسكون.
وعندما يصاب القلب بعلّة، فإنها لا تصيب الجسد فحسب، بل تهزّ الكيان كله، وتلقي بظلالها على النفس والعقل والروح، وكبار السن الذين أنهكتهم السنين، هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب المزمنة، كضيق الشرايين، وضعف عضلة القلب، والجلطات الحادة.
وغالبًا ما تكون الجراحة هي الحل الأخير، لا سيّما حين تستنفد الأدوية والمحاولات البديلة فعاليتها، وهنا يبرز السؤال المؤلم.. كم من كبار السن يُتركون وحدهم في مواجهة مصيرٍ مؤلم لأنهم لا يملكون ثمن العملية؟ فيخفت الأمل، وتتهاوى الأمنيات، وتضيع الأرواح بصمت.
لقد خُلق الإنسان في كبد، كما قال تعالى في سورة البلد: "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ"، وكلنا عرضة للابتلاء، وكلنا في حاجة إلى لحظة انتشال، إلى من يأخذ بيدنا حين تضيق بنا الدنيا.
فكيف بمن بلغ الكِبر، وهدّه المرض، وتفرّقت به سبل الحياة؟ إن جراحات القلب ليست ترفًا طبيًا، بل ضرورة ملحّة، ومعجزة صغيرة، قد تعيد الحياة إلى جسد كان على شفير الفناء.
وهنا يتجلّى دور المجتمع، والقلوب الرحيمة التي لا تنتظر شُكرًا، بل تسعى لإحياء الأنفاس، فعمليات القلب المجانية لكبار السن بمثابة حياة تُمنح، وعمرٌ يُستعاد، وكرامة تُحفظ.
من إنسان إلى إنسان.. التبرع قيمة إنسانية خالدة
في عالمٍ تزداد فيه وتيرة الفردية وتقلّ فيه مظاهر العطاء، يبقى التبرع أحد أبهى صور التراحم البشري؛ فهو انتقال للحياة من إنسان لإنسان، وتعبير راقٍ عن روح العطاء النبيل.
فالتبرع حين يكون للمرضى والمحتاجين، لا يُقاس بثمن، بل يُقاس بأثره، بما يُخلّفه من طمأنينة، وإنقاذ، واستمرارية للحياة في جسد أوشك على التوقّف.
وهو شعور بالمسؤولية تجاه من يعجز عن تأمين العلاج، وامتثال لأمر الله الذي أمر بالتكافل، وحثّ على الإنفاق في سبيله، فقال تعالى في سورة البقرة: "مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ".
فتأمل كمّ البركة الذي يناله المتبرع، حين يمنح شيئًا من ماله فيُضاعفه الله أضعافًا كثيرة، والتبرع لجراحة القلب حفظ لروح، وصيانة لعائلة، وتخفيف لمآسي قد لا نحتملها لو كانت في دوائرنا الضيّقة.
لذا فالتبرع لا يشيخ، ولا يزول أثره، لأنه قيمة خالدة، متجددة، ممتدة، تستمر حيث تتوقف الكلمات، وتُنبت الأمل حين تذبل الحياة.
عمليات القلب المجانية لكبار السن.. السبيل لإنقاذ حياة دون تدخُل طبي
في خضمّ التحديات التي تعصف بمجتمعاتنا، تبرز مبادرات إنسانية تحمل النور للمحتاجين، وتقف شامخة كعلامات مضيئة في دروب الألم، وتبرز "جمعية أصدقاء القلب الخيرية" التي سخّرت إمكانياتها، وجهودها، وشبكاتها، لتوفير عمليات القلب المجانية لكبار السن.
تعمل الجمعية على دراسة حالات المرضى بشكل دقيق، بالتعاون مع مستشفيات معتمدة، واستشاريين في أمراض القلب والشرايين، لتحديد أولوية التدخل الجراحي، وضمان وصول الخدمة لمن هم بأمسّ الحاجة.
فهي لا تُقدم علاجًا فقط، بل حياة، وتكمُن فرادة عمل الجمعية في أنها توفر الرعاية الطبية الكاملة دون أي مقابل مادي، وهو ما يعدّ إنجازًا نادرًا في ظل ارتفاع تكاليف الجراحات القلبية، والتي قد تتجاوز في كثير من الحالات قدرة المريض أو أسرته على السداد.
ولعل أجمل ما في هذا المشروع الإنساني أنه يُتيح لكل فرد في المجتمع أن يشارك في إنقاذ حياة، دون أن يكون طبيبًا، أو متخصصًا، ويكفي أن يمدّ العطاء، ليرى أثره يتجلى في حياة إنسان آخر.
فالذي يعجز عن توفير ثمن الجراحة قد يكون أبًا لأطفال صغار، أو أمًّا كانت الحضن الدافئ لأسرة فقيرة، أو عجوزًا فقد كل سند إلا سند الله وعباده.
وتُبنى آلية التبرع في الجمعية على أعلى درجات الشفافية، حيث يُخصص لكل حالة ملف طبي واضح، وتُتاح تقارير دورية للمتبرعين حول سير العمليات، وعدد الحالات التي تم إنقاذها، مما يعزز الثقة، ويعمّق الإحساس بالشراكة في الخير.
نهايةً.. ثمة كثير من النفوس تنتظر يد العون، والقلب ينتظر نبضة الرحمة، فلا تتركها تنتظر طويلًا؛ حيث إنقاذ قلبٍ واحدٍ من أوجاع المرض قد يعني عودة النور إلى حياةٍ بأكملها، عودة الأمل إلى أسرة، وعودة الدفء إلى بيتٍ قد كاد يبرد.
اقرأ أيضًا:
أهمية التبرع للجمعيات الخيرية في دعم العمل الخيري
جمعية أصدقاء القلب الخيرية.. أفضل متجر تبرعات للأعمال الخيرية