حينما يلامس القلب تراب الحرم، تنبعث من الأعماق أنفاس طاهرة، يختلط فيها الرجاء بالخضوع والعبرة بالدعاء، ولذلك فالعمرة لحظة استثنائية لا تُقاس بالزمن، بل بمدى ما تحمله من صدق التوبة، ونقاء النية، وقدرة التوسل، وأثناء طوافك حول الكعبة، وسعيك بين الصفا والمروة، لا تسعّ جسدك فقط، بل دع روحك أيضًا تسعى بالتقرب من الله وترديد أدعية العمرة الطواف والسعي التي تلين بها القلوب وتُستجلب بها الرحمة.
أدعية العمرة الطواف والسعي
ما أعظم أن يُكتب للمرء أن يكون ضيفًا في بيت الله، ويطوف بكعبة قد طاف بها سابقًا الخليل عليه السلام، ويسعى فيما سعت فيه أم إسماعيل ويغمرها اليقين والثقة بالله تعالى.
إنها ليست مجرد شعائر تؤدى فقط، بل لحظاتٌ استثنائية تصنع الفرق بين القلب الغافل والحيّ، وما الدعاء في هذه الرحلة إلا دليل صدق العبد.
وليس في الطواف دعاء مخصص ملزم في كل الأشواط، بل أدعية العمرة الطواف والسعي مستحبة الإكثار منها عامةً والاجتهاد في المناجاة، وسؤال خير الدنيا والآخرة من الله.
ثمة دعاءٌ مأثور بين الركن اليماني والحجر الأسود، يُقال فيه: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"، وهذا الدعاء من أخصّ ما ورِدَ عن النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك الموضع، وهو دعاء جامع مانع.
والمؤمن في الطواف يجمع بين الذِكر والدعاء، وبين الشكر والابتهال، ويُكرر التهليل والتكبير، ويحمد الله على نعمة الوصول، ويتذكّر من لم يُكتب له أن يجاوره البيت العتيق، وفيما يلي أدعية عامة في سائر أشواط السعي والطواف:
- "اللهم اغفر لي، وأرحمني، وأهدني، وعافني، وأرزقني".
- "اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار".
- "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
- "اللهم أجعل هذا الطواف حجًا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا".
- "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همًا لنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا".
- "اللهم إنك تعلم سرّي وعلانيتي، فأقبل معذرتي، وتعلم حاجتي، فأعطني سؤلي".
- "اللهم ثبتني على دينك، وأحفظ لي ديني الذي هو عِصمة أمري، وأصلح لي دنياي وآخرتي"
آداب الدعاء في الطواف والسعي
حتى تكون أدعية العمرة الطواف والسعي مثمرة ومسموعة من العبد لربه، فعلى العبد أن يتحلى بآدابٍ جليلة، منها:
- أن يُخلص النية لله تعالى، متضرعًا له بالدعاء من قلبه.
- اليقين بإجابة الله، فالله لا يرد عبده خائبًا وعليه أن يكون على ثقة.
- حضور القلب وتجنب الغفلة عن تلك العبادات التي قد تكون بسيطة بشكلها.
- البُعد عن رفع الصوت الذي يؤذي المحيطين بك أثناء الدعاء.
- الانكسار لله، والتضرع، والخشوع، ولين الجانب له تعالى.
لماذا الإكثار من الدعاء في العمرة؟
العُمرة هي فرصة نادرة للقاء الروح بخالقها، وموسم من مواسم الإجابة، حيث المكان مُفضّل، والزمن مبارك، والقلب حاضر، لذا هل يُعقل أن يقف العبد في بيت ربّه ويغفل عن الدعاء؟
كما هل يمكن أن يسعى العبد بين الصفا والمروة ولا يذكر الله الذي يرزق ويُدبّر ويعفو ويغفر؟ لذا يوصي بترديد أدعية العمرة الطواف والسعي.
إن الطواف والسعي ليسا فقط طواف أقدام وسعي أجساد، بل تلك رحلة داخلية للروح، تتطهر فيها من أدران الغفلة، وتغتسل من خطايا الذنوب، وتعود أكثر قربًا من الله تعالى، والدعاء في هذه الفترة هو الجسر الذي يربط القلب بالسماء، ومفتاح الأمل والراحة النفسية والتحقق، لذا فلتكن عمرتك أنت أيضًا عامرة بأدعية العمرة الطواف والسعي، ولتجعل كل خطوةٍ نية.
اقرأ أيضًا: