أدعية العمرة مستجابة

16 يونيو 2025
جروميرس
أدعية العمرة مستجابة

العمرة لحظةٌ يتوق إليها المذنبون، ويشتاق لها المحبّون، ويحنّ لها من ذاقوا طَهر المقام الشريف، إنها لحظة يلتقي فيها الفناء البشري بجلال الألوهية، حيث يجثو العبد على أعتاب الكعبة، خاشعًا منيبًا، مردّدًا دعواتٍ طالما خبأها في أعماق قلبه، وحينها تتقاطع الدموع بالدعاء، وتنقلب الحروف إلى مناجاةٍ صادقة، لا يعرفها إلا من ذاق لذة الدعاء في مواضع الإجابة، لذا وفي السطور التالية سنتعمق ونعرفك على أفضل أدعية العمرة مستجابة.

أدعية العمرة مستجابة

إن العمرة ليست مجرد عبادة تؤدى، أو شعائر تُمارس في زمن مخصوص، بل هي انعتاقٌ من صخب الدنيا إلى سكينة الحرم، وانتقال من جفاء الغفلة إلى دفء المناجاة.

إنها خلوةٌ عظيمة بين العبد وربه، حيث يقف المرء أمام الكعبة المشرفة وقد اجتمع له من التوبة والخضوع والرجاء ما يجعل قلبه أقرب من أي وقتٍ مضى إلى الرحمة الإلهية والمغفرة الواسعة.

والدعاء سلاحًا عظيمًا، ووسيلة سامية لتحقيق المطالب الدنيوية والآخروية، ولأن المواطن المباركة والأزمنة الشريفة التي تحفّ بالعمرة هي من مظانّ استجابة الدعاء، فقد أولى المسلمون الدعاء في العمرة عناية عظيمة.

وتناقلوا أدعيته المأثورة، وتنافسوا في حسن اختيار ما يناجي به العبد ربّه من طلب العفو والرحمة والرزق والهداية، ولكن هذا لا يعني أن أدعية العمرة مستجابة فيما هو مأثور فقط.

بل إن العبد إزاء ربه ليطلب منه ما يشاء ويريد، والله سميعُ الدعاء مُجيبٌ له في أي وقت شاء، وأي طلبٍ شاء أن يناله بإذن الله.

آداب الدعاء المستجاب في العمرة

قبل أن يسترسل المعتمر في الدعاء بأدعية العمرة مستجابة، يجدر به أن يتأدّب بآداب الدعاء، لتكون نفسه أقرب إلى القبول، ودعاؤه أرجى للإجابة، ومن هذه الآداب:

  • النية الخالصة لله تعالى: فالنية هي أساس العمل، وإذا صلحت النية، صلح الدعاء.
  • الافتتاح بحمد الله: والثناء عليه ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما دلّت عليه الأحاديث.
  • رفع اليدين: في غير مواطن المناسك التي لا يُشرع فيها الرفع، كحال السجود أو أثناء الطواف.
  • الخشوع والانكسار: فيجب الاعتراف بالتقصير، ومناجاة الله بضعف النفس وحاجتها.
  • الإلحاح وعدم الاستعجال: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يُستجب لي".
  • الدعاء بما يُرضي الله: فيجب تجنب التعدي في الدعاء، كالدعاء بقطيعة رحم أو إثم.
  • حسن الظن بالله: فعلى العبد أن يحسن ظنه واليقين بأنه سيُعطيه الله، ولو بعد حين.

مواطن الدعاء في العمرة

حين يلبّي المعتمر نداء الرحمن، ويطأ بقدميه أطهر البقاع، يجد قلبه مهيئًا للانكسار، ولسانه مستعدًا للابتهال، فالعمرة ليست مجرد أداء مناسك، بل هي لقاء خاص بين العبد وربه، وفرصة عظيمة لعرض الحاجات، وبثّ الشكوى، والتماس المغفرة والرحمة،

وقد خصّ الله عز وجل هذه الشعائر الجليلة بمواطن عظيمة يُرجى فيها استجابة الدعاء، فهي لحظات مشحونة بالإيمان، تحفّها الملائكة، ويغمرها لطف الرحمن، وهي:

1- عند الإحرام من الميقات

فحين يعقد المعتمر نية العمرة، ويبدأ بالتلبية، يكون في حالة روحانية فريدة، يُستحب فيها الدعاء، ومنه: "اللهم اجعل هذه العمرة خالصةً لوجهك الكريم، لا رياء فيها ولا سمعة، ويسّر لي أداؤها، وتقبلها مني، واغفر لي بها ذنوبي كلّها، ما علمت منها وما لم أعلم".

ويستمر بالتلبية: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، ويرددها بتدبر وخشوع، ويدعو حينها بما شاء من خيري الدنيا والآخرة.

2- عند دخول المسجد الحرام

من السنة أن يدخل المسجد الحرام بالرجل اليمنى، ويقول: "اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وأعوذ بك من الشيطان الرجيم".

وحين تقع عين المعتمر على الكعبة، يُستحب أن يرفع يديه ويدعو، فهذه لحظة عظيمة، ومن أفضل أدعية العمرة مستجابة حينها:

"اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا ومهابةً وبرًّا، وزد من شرّفه وكرّمه ممن حجّه أو اعتمره تشريفًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم إني أسألك أن تغفر لي ولأهلي، وأن تكتبني في عبادك الصالحين".

3- أثناء الطواف

إن الطواف محل ذكر ودعاء، وليس فيه دعاء مخصوص لكل شوط كما يظن البعض، والأفضل أن يدعو الإنسان بما يتيسر له من الأدعية المأثورة أو الخاصة، ويُكثر من الذكر:

"سبحان الله"، "الحمد لله "لا إله إلا الله"، "الله أكبر"، مع الدعاء بما في قلبه، وبين الركن اليماني والحجر الأسود، يُستحب قول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار".

ومن الأدعية الجميلة في الطواف: "اللهم اجعلني من أهل طاعتك، ووفقني لما تحبّ وترضى، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".

4- بعد الطواف

بعد الانتهاء من الطواف، يُصلّي ركعتين خلف مقام إبراهيم، ثم يدعو بما شاء، كأن يقول: "اللهم اجعلني من المقبولين، واغفر لي ذنبي، ويسّر لي أمري، وثبّت قلبي على دينك".

5- أثناء السعي بين الصفا والمروة

يستحب عند الصعود على الصفا أن يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، ثلاث مرات، ويدعو بينهنّ بما شاء.

وخلال السعي، يُكثر من الدعاء: "اللهم اجعل سعيي مشكورًا، وذنبي مغفورًا، وعمي صالحًا، وتجارتي لن تبور".

6- بعد الانتهاء من العمرة

حين تنقضي العمرة ويحلّ المعتمر من إحرامه، فإن من الجميل أن يخلو بنفسه في جوف الليل أو في رحاب الحرم، ويُثني على الله بما يليق، ويبدأ بترديد أدعية العمرة مستجابة، مثل:

"اللهم إنك دعوتني فأجبت، ووفّقتني فأتممت، فلك الحمد على ما أعطيت، فاجعل عمرتي هذه حجةً لي لا عليّ، واغفر لي ما قدمت وما أخّرت، وبارك لي في عمري وديني وأهلي وذريتي، وارزقني العودة إلى بيتك مرات ومرات".

نهايةً.. إن الدعاء في العمرة ليس مجرد ألفاظ تُقال، بل هو بوح روحٍ مشتاقة إلى القرب، ورجاءٌ صادق من عبدٍ يرجو رحمته ويخشى عذابه، فليحرص كل معتمر على أن يغتنم لحظات العمرة، فإنها من أعظم مواطن الإجابة، وليدعُ لنفسه، ولأهله، ولأمّته.

اقرأ أيضًا: