في ظلِّ التغيرات الكبرى التي يشهدها العالم العصري من تيسير في وسائل السفر وتقدُّم كبير في وسائل النقل الحديثة، إلا أنه لا يزال حج المرأة من دون محرم قضية مثيرة للجدل في المجتمع الإسلامي، ورغم أن الحج فرض عظيم وواجب على كل مقتدر إلا أنها مسألة نقاش تستدعي التوقف عندها بشيء من التمعّن والتدقيق، وفي السطور التالية سنذكر لك أقوال العلماء في حج المرأة بدون محرم أم لا.
أقوال العلماء في حج المرأة بدون محرم
إن الحج من أسمى العبادات التي يتطلع المسلمون دائمًا لأدائها في كل عام، حيث يُجسد الركن الخامس هذا جوهر التوحيد، والخضوع لله تعالى، وقد أوجبه الله عز وجل على المسلمين مرة في حياتهم إن استطاعوا ماديًا.
ولكن من المعلوم أن شرطًا على المرأة اصطحاب المحرم، ولكن ظل هذا محل جدل، فقد تعددت أقوال العلماء في حج المرأة بدون محرم ولكلٍ منهم أسباب وأدلة مختلفة قد تشكلت على النحو التالي:
1- القول الأول
هذا قول الحنابلة والحنفية، والذين اشترطوا ضرورة وجود محرم مع المرأة لأداء الحج، واستندوا لذلك بأحاديث نبوية عدة تمنع المرأة من السفر عامةً دون محرم.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَومٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا" صحيح البخاري.
الحِجة في ذلك أن المرأة لا تقدر على الركوب والنزول بنفسها، فهي تحتاج إلى من يُركبها ويُنزلها، ولا يتأتى ذلك إلا مع الزوج أو المحرم.
2- القول الثاني
هو قول الشافعية ولم يشترط أحد منهم وجود المحرم أو الزوج أثناء الحج، بل فقط يكفي أن يكونوا نسوة ثقات معًا حتى لو فرض وجود الزوج والمحرم القادرين على السفر معها.
ذلك هو المشهور في مذهب الشافعي لأن الرفقة لا تجعلهم أطماع، ولأن السفر واجب لا يشترط له المحرم كالسفر لحضور مجالس الحاكم وهكذا.
3- القول الثالث
قول المالكية وقد ذهبوا فيه لوجوب وجود الزوج أو المحرم مع المرأة أثناء الحج، فإن لم يوجدا أو وُجدا لكن امتنعا أو عجزا عن مرافقة المرأة فيجب أن تكون برفقة مأمونة "رجال أو نساء"، والأحرى أن تكون من الجنسين معًا على أن تكون المرأة مأمونة في نفسها عامةً.
لماذا ضرورة وجود المحرم؟
إن أقول العلماء في حج المرأة بدون محرم تعددت، ولكن غالبيتها أجمعت على ضرورة وجوده لأداء الحج لأسباب عدة تتشكل على النحو التالي:
- حماية المرأة: يتفق العلماء على أن وجود المحرم برفقة المرأة يضمن لها الأمان والحماية أثناء السفر من كل شيء، لا سيما في الأزمنة التي قد تكون المرأة عرضة لمخاطر متعددة من حيث الأمان أو التغريب.
- تفادي الفتن: في السفر دون محرم قد تنشأ المواقف التي قد تجرّ المرأة لفتنة أو الخرج عن الآداب الشرعية، ولهذا المحرم سيكون مانعًا لها الوقوع في تلك الفتن والمعصية الكبيرة أثناء تأدية شعيرة عظيمة.
- الاعتبارات الاجتماعية والدينية: في مجتمعنا الإسلامي يعتبر وجود المحرم أمر مهم لصون العادات والتقاليد التي تتماشى مع الشريعة الإسلامية.
هل المحرم مع المرأة زوجها؟
قد تتداخل المفاهيم لدى البعض لا سيما عند الغوص في أقوال العلماء في حج المرأة بدون محرم معتقدين أنه زوجها فقط، لكن المحرم هو الرجل الذي تحرم على المرأة نكاحه في جميع الأحوال.
سواء كان ذلك أبيها، أو أخيها، أو الزوج، أو ابن العم، وغيره من المحارم الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولهذا يشترط على المرأة أن تصطحب المحرم في أداء فريضة الحج.
نهايةً.. يظل الحج واحدًا من أسمى العبادات التي يتوق إليها كل مسلم، ففيه تتجسد معاني الطاعة والتوحد مع الأمة الإسلامية، وتتجلى مشاعر الخضوع لله عز وجل، لكن لا بد من التحقق من شروطه لتحقيقها والتركيز جيدًا فيها، لا سيما في أقوال العلماء في حج المرأة بدون محرم وغيرها.
اقرأ أيضًا: