ما هي اعمال اليوم العاشر في الحج؟

12 مايو 2025
جروميرس
اعمال اليوم العاشر في الحج

إن اليوم العاشر من ذي الحج لا يأتي إلا وقد هيّأ الله له عظمة تُناسب منزلته، فهذا ليس يومًا عاديًا في سجل التقويم، بل إنه يوم تتلاقى فيه أعظم شعائر الإسلام "الرمي، والذبح، والحلق، والطواف"، ويوم النحر هو الخاتم لموسم الطاعة والتقرب والتضرع لله تعالى، وميدان تتجلى فيه مقاصد التشريع من التضحية والتجرد والتوحيد لله تعالى وإفراده بالقصد والرجاء، وفي السطور التالية سنتطرق بالحديث تفصيليًا عن اعمال اليوم العاشر في الحج.

ما هي اعمال اليوم العاشر في الحج؟

إن اليوم العاشر من ذي الحجة هو يوم النحر، ويعد من أعظم الأيام عند الله تعالى، كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم، وسُميّ باليوم الأكبر حيث اجتمع فيه من أعمال الحج ما لا يجتمع في غيره، وتؤدى فيه أعظم المناسك وأشرف القُربات.

في ذلك اليوم الجليل يتتابع الحاج بأربعة أعمال عظيمة تُسمى بـ "اعمال اليوم العاشر في الحج أي يوم النحر"، وهي ما تشكّلت على النحو التالي:

1- رمي جمرة العقبة الكبرى

بليلة التاسع من ذي الحجة يبيت الحاج بمنى، وفي اليوم العاشر يتجه مع خيوط الفجر الأولى لجمرة العقبة، ويرميها بسبع حصيات يكبّر مع كل حصاة، وهي شعيرة تُرمز إلى البراءة من الشيطان الرجيم.

والاقتداء بإبراهيم عليه السلام حين تصدى للوسوسة، والمشهد في تلك اللحظة عظيم للغاية، الملايين يرجمون الجمرة في وحدة شعورية تعبّر عن رفض الباطل والتمسك بالإيمان.

2- نحر الهدي

بعد رميّ الجمرة ينتقل الحاج لشعيرة الذبح، فيذبح هديه تقرّبًا لله تعالى، واقتداءً بخليل الله إبراهيم عليه السلام حينما امتثل لأمر الله في ذبح ابنه إسماعيل.

فحينها قد فداه الله بذبحٍ عظيم، وهذا الذبح لا يُراد منه اللحم بل تقوى القلوب، فقد قال تعالى في سورة الحج: "لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ (37)".

3- الحلق أو التقصير

عند الانتهاء من الذبح، ومن أعظم اعمال اليوم العاشر في الحج هو حلق الشعر أو تقصيره، فتلك علامة على التحلل الأول من الإحرام، وفيها تعبير عن خضوع الجسد لله تعالى وتخلّي الحاج عن مظهره القديم وبداية ميلاد جديد للروح.

وقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثًا للمحلقين، وواحدة للمقصرين، مما يدل على فضل هذا العمل، وخضوعه لمقام الامتثال.

4- الطواف والإفاضة

نهايةً.. يتوجه الحاج لبيت الله الحرام حتى يطوف طواف الإفاضة، وهذا ركن من أركان الحج ولا يتم إلا به، وفيه يذوب الحاج، ويدور حول الكعبة كأنه كوكب في مجرّته، ويتوسل القرب، ويأمل الغفران.

ثم يُصلي الحاج ركعتين خلف مقام إبراهيم، ويشرب من زمزم، وقد يؤدي بعدها سعيّ الحج إن لم يكن قد سعى بعد طواف القدوم.

حكمة الترتيب الإلهي بين المناسك والمقاصد

كل شعيرة من اعمال اليوم العاشر في الحج تحمل رسالة عظيمة وجليّة، وهي على النحو الآتي:

  • الرمي: قوة الإرادة في مقاومة الشر.
  • الذبح: الذل لله والانقياد لحكمه.
  • الحلق: تطهير ظاهر الإنسان كبداية لتطهير الباطن.
  • الطواف: هذا اشتياق مستمر ودوران لا يتوقف حول مركز التوحيد.

جدير بالذكر أن ترتيب الشعائر على هذا النسق لم يأتِ عبثًا، ففي كل منها تصعيد للروح، وتهذيب للنفس، وتعميق للصلة بالله تعالى، هذا وكأن الحج بهذا اليوم يبلغ قمته.

وعلى هذا فليبدأ الحاج رحلة العودة وقد تطهرت نفسه وانجلت همومه، وهو يحمل شهادة المغفرة والقبول بإذن الله تعالى.

نهايةً.. إن اعمال اليوم العاشر في الحج بمثابة صفحة من النور تُكتب في كتاب المسلم لأنقى العهود مع الله، وتُسطر أبهى لحظات الطاعة والخضوع على ذلك، فهو يوم الغفران، والإخلاص، والتلبية التي تُعانق السماء، لذا من ذاق طعمه لا ينسى مذاقه، ومن عاش لحظاته لا يعود كما كان أبدًا.

اقرأ أيضًا: