ما هي أركان الحج وشروطه

12 يونيو 2025
جروميرس
أركان الحج وشروطه

إنّ الحجَّ إلى بيتِ الله الحرام ليس مجرّد عبادةٍ تؤدّى في وقتٍ معلوم، بل هو رحلة روحية عظيمة نحو جوهر الإيمان، وتلبيةٌ خاشعةٌ لنداءٍ قدسي بدأ منذ أن نادى إبراهيم عليه السلام في الناس بالحج، فلبّوا نداءه من أقاصي الأرض، وفي في شعائرِ الحجّ يذوبُ الزمانُ والمكان، ويقفُ العبدُ بين يدي مولاه مجردًا من زينة الدنيا، متمثلًا معنى العبودية الخالصة، متطهرًا من الذنوب كما ولدته أمه، ولكي تصحّ هذه الرحلة العظمى، لا بدّ من استيفاء أركان الحج وشروطه، وهو ما نوضحه فيما يلي.

أركان الحج

إن الحج هو الركن الذي شُرع ليكون تجسيدًا عمليًا لوحدة المسلمين وتعبيرًا عن خضوعهم لله سبحانه وتعالى، فيه يلتقي الملايين من مختلف أنحاء العالم، بمختلف اللغات والألوان، في مشهد إيماني عظيم يشهد له التاريخ والبشرية.

فهو رحلة روحية وجسدية في آن واحد، تُزكي النفس وتطهّر القلوب من شوائب الدنيا، وتُعيد للمسلم توازنه الروحي، وتعلّمه الصبر والتواضع والخضوع، ولكنه ليس مجرد سفر وزيارة، بل ثمة أركان الحج وشروطه لا يُعدّ صحيحًا إلا بهما.. وأولها الأركان:

1- الإحرام

هو نية الدخول في حالة خاصة للعبادة، والابتعاد عن كل ما يحرم أثناء هذه الحالة، فيبدأ الحاج بالإحرام من الميقات المحدد، وهو مكان خاص عند الدخول إلى مكة، سواء أكان الميقات قريبًا أو بعيدًا.

ينوي الحاج فيه أداء فريضة الحج أو العمرة، ويرتدي ملابس الإحرام "هو رداء الإحرام وسراويل الإحرام للرجال، ولباس ساتر للنساء".

والإحرام يحمل معه تحريمًا على الحاج عدة أشياء مثل: القص، والحلق، والتطيب، والصيد، والاختلاط، وغيرها، وهو تعبير عن الطهارة والنية الصادقة لله وحده.

2- الوقوف بعرفة

الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، حيث يقف الحجاج في صعيد عرفة، قرب مكة، في مكان محدد، من زوال الشمس حتى غروبها.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة"، وهذا يدل على عظمة هذا الركن، والوقوف بعرفة يعني البقاء فيه والتضرع إلى الله بالدعاء، وطلب المغفرة والرحمة، والتأمل في خلق الله، ومن لم يقف بعرفة في وقته، لم يصح حجه.

3- المبيت بمزدلفة

بعد مغيب شمس يوم عرفة، يتوجه الحجاج إلى مزدلفة لقضاء الليل هناك، والمبيت فيها ركن من أركان الحج، وهو وقت لجمع الحصى لرمي الجمرة الكبرى في يوم النحر.

بالإضافة إلى العبادة والدعاء والذكر، والمبيت في مزدلفة يعني البقاء حتى شروق الشمس، ومن تركه بغير عذر، لم يصح حجه.

4- رمي الجمرات

هو ركن أساسي، ويتم في أيام التشريق "11، 12، 13 من ذي الحجة"، يرمي الحاج الحصى على ثلاث جمرات: الجمرة الصغرى، والوسطى، والكبرى، ابتداءً بالجمرة الصغرى، ويُعتبر هذا الفعل تجسيدًا لرمي الشيطان، ورفض كل ما يغوي الإنسان عن طاعة الله.

5- طواف الإفاضة

إنه الطواف الذي يفعله الحاج حول الكعبة بعد يوم عرفة، ويعتبر من أركان الحج، وهو علامة إتمام الحج.

يبدأ هذا الطواف بعد يوم عرفة مباشرة، ويُسمى بطواف الحج، وهو أحد أركان الحج التي لا يصح الحج من دونه.

شروط الحج

إن أركان الحج وشروطه لا بد من توافرها حتى تكون الفريضة صحيحة ومقبولة، ولا يتم الحكم على الحج بالصحة إلا إذا توفرت هذه الشروط:

  • الإسلام: فلا يُفرض الحج إلا على المسلم، لأنه ركن من أركان الإسلام.
  • العقل: الحاج يجب أن يكون عاقلًا، لأن الحج عبادة تتطلب وعيًا وفهمًا لتعاليمها وأحكامها، ولا يُطلب من المجنون أو من فقد عقله أداء هذه الفريضة.
  • البلوغ: إن الحج فُرِضَ على البالغ، فالطفل لا يُطلب منه الحج، وإذا حج الطفل، يُعتبر حجه نافلًا، ولكنه لا يُوجب عليه الحج مرة أخرى عند البلوغ.
  • القدرة: هي شرط أساسي للحج، سواء كانت قدرة مالية أو جسدية، فالحاج يجب أن يكون قادرًا على تكاليف السفر والإقامة، وعلى القيام بالمناسك بدنيا، ويُعفى من الحج من لم يكن قادرًا على أداء المناسك بسبب عجز صحي أو فقر مادي.
  • الحرية: فالحاج يجب أن يكون حرًا، فالمملوك لا يُطلب منه الحج إلا بإذن مولاه.
  • الاستطاعة المالية: فلا يجوز على المسلم الفقير الذي لا يستطيع الإنفاق على الحج، فالحج لا يجب على من تعسرت عليه وسائل السفر أو الإقامة.

إن الحج رحلة الإيمان الكبرى، يتحد فيها المسلمون في مشهد يملؤه التواضع والخشوع، وتتحقق فيه دعائم الإسلام الخمسة، ولكي يكون الحج صحيحًا ومقبولًا عند الله، لا بد من الإلمام بأركانه وشروطه، والحرص على أدائها بإخلاص ووعي.

اقرأ أيضًا: