من بين مناسك العمرة التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، يبرز الطواف حول الكعبة كركنٍ عظيمٍ، في حركاته البسيطة أعظم المعاني "الوحدة، والاتباع، والخشوع، والتجرد"، فهو ليس مجرد دوران حول بناءٍ عتيق، بل عبادة توقظ القلب، وتُحيي في النفس شعور القرب من الله، ومن لطائف هذا النسك أنه تنوعت صوره وأحكامه، وتعددت أنواعه بحسب السياق والغرض، فجاء الطواف في العمرة بطابع خاص، يختلف عن طواف الحج أو التطوع، وفي السطور التالية سنوضح لك أنواع الطواف في العمرة تفصيليًا.
أنواع الطواف في العمرة
الطواف أحد الشعائر العظيمة التي اختص الله بها بيته الحرام، فجعله من أعمدة الحج والعمرة، بل ومن أبرز مظاهر العبادة والتقرب إليه سبحانه.
إذ يتجلى فيه التوحيد والخشوع والذكر، والطواف ليس فعلًا آليًا أو حركة دائرية فحسب، بل عبادة قلبية وروحية تُحيي في المسلم مشاعر الحب والخضوع لله، وتجدد معنى الانتماء لأمة التوحيد.
وأنواع الطواف في العمرة واحدة فقط، وهو المفروض "طواف القدوم"، وهو الطواف الذي يؤديه المعتمر بعد دخوله في النسك، ويُعتبر ركنًا من أركان العمرة، لا تسقطه لا الجهالة ولا النسيان، ومن دونه لا تصح العمرة ولا تنعقد:
- يبدأ من الحجر الأسود وينتهي به.
- يُشترط فيه الطهارة، وستر العورة.
- يُستحب فيه الاضطباع "للمحرم الرجل: كشف الكتف الأيمن"، والرمل "أي الإسراع في المشي مع تقارب الخطى في الأشواط الثلاثة الأول".
- يُستحب الدعاء والأذكار، دون تخصيص أدعية معينة لكل شوط، إذ لم يرد في ذلك نص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى ما ثبت عند استلام الحجر الأسود أو الركن اليماني.
أركان الطواف في العمرة
في أنواع الطواف في العمرة والمتمثلة في نوعٍ واحد، ثمة أركان لا يقبل الطواف من دونها، وتتشكل على النحو التالي:
- النية: يجب أن ينوي المسلم بقلبه أداء الطواف تعبُدًا لله تعالى، ولا يُشترط التلفظ بها.
- الطواف سبعة أشواط: يجب إتمام سبعة أشواط كاملة حول الكعبة، يبدأ كل شوط من الحجر الأسود وينتهي عنده.
- جعل الكعبة على اليسار: يطوف المعتمر بعكس اتجاه عقارب الساعة، بحيث تكون الكعبة دائمًا على يساره.
- الطواف خارج الكعبة: فلا يصح الطواف داخل الحِجر "حِجر إسماعيل" لأنه يُعد جزءً من الكعبة.
شروط صحة طواف العمرة
إنها الأمور التي يجب توافرها ليكون الطواف صحيحًا في أنواع الطواف في العمرة، وتشمل:
- الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر: فلا يصح الطواف إلا بوضوء، كما لا يجوز للحائض أو النفساء أداء الطواف حتى تطهر.
- ستر العورة: يجب على الرجل والمرأة معًا ستر العورة أثناء الطواف، كما في الصلاة.
- الطواف داخل حدود المسجد الحرام: أي أن يكون الطواف داخل حدود الحرم وليس من خارجه.
- الموالاة بين الأشواط: يُشترط أن تكون الأشواط متتابعة دون فواصل طويلة تفصل بينها.
- النية: يشترط أن ينوي الطواف للعمرة، وليس مجرد المشي داخل المسجد.
مستحبات الطواف في العمرة
الطواف ركن أساسي في العمرة، وأداؤه بالشكل الصحيح هو مفتاح قبول هذه العبادة العظيمة، ولذا فلا بد من توافر الأركان والشروط، ومعها ثمة سنن ومستحبات على المسلم فعلها أثناء الطواف، وهي:
- الاضطباع: وهو كشف الكتف الأيمن "للرجال فقط" أثناء الطواف.
- الرمل: الإسراع في المشي بخطى قصيرة في الأشواط الثلاثة الأولى "للرجال فقط".
- استلام الحجر الأسود: إن أمكن مع التكبير أو الإشارة إليه من بعيد إن تعذر الوصول إليه.
- الدعاء والذكر: يُستحب للمسلم أن يكثر من الدعاء والذكر خلال الطواف.
- صلاة ركعتين بعد الطواف: خلف مقام إبراهيم إن تيسر، أو في أي مكان من المسجد.
ما يجب تجنبه أثناء الطواف في العمرة
إنّ الطواف بالكعبة ليس مجرد طواف بالجسد، بل هو طواف بالروح، وانسلاخ عن الدنيا، وتحليق في سماء الطاعة، وإعلان عن بدء صفحة جديدة بين العبد وربه، وتجديد للعهد والميثاق، واستحضار لروح التوحيد، وحتى يكون صحيحًا يجب تجنب بعض الأمور:
- الانشغال بالتصوير والتوثيق أثناء الطواف.
- تخصيص أدعية معينة لكل شوط من دون دليل.
- مزاحمة الناس عند الحجر الأسود بقوة، مما يسبب أذى للآخرين.
- عدم مراعاة الطهارة أو كشف بعض العورة بسبب الزحام.
- رفع الصوت في الدعاء جماعيًا، مما يُشوش على الآخرين.
الطواف ليس مجرد شعيرة تُؤدى بجوار الكعبة، بل عبادة عظيمة تحوي معاني روحية وفقهية تجعلها ركنًا راسخًا في صرح التوحيد، تعدد أحكامه، ويتجلّى عمق هذا النسك وثراؤه، ليكون عنوانًا للامتثال والطاعة والانقياد.
اقرأ أيضًا: