مع اقتراب موسم الحج فإن أفضل ما يفعله المسلم إن لم ينوي أن يكون من بين صفوف زوار بيت الله الحرام هي صدقه للحجاج، تخرجها عنهم لإعانتهم على مشاق هذه العبادة، فتوفر لهم سُبلًا للنقل، أو إفطارًا وماء، أو مقاعد للجلوس ومظلات.
صدقه للحجاج
من أفضل الأعمال التي يقوم بها المسلم في كل وقت هي الصدقات، هي مرضاة للرب، كما أن للفقير حق في مال الغني، فقد وهبه الله إياه ليمنح منه غيره لا ليكتنزه، كما أن المال لا ينقص أبدًا بهذه الصدقة بل يزيد ويرفع الله سبحانه العبد بها درجات.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" صحيح مسلم.
وإذا كانت لك غاية، أو مسألة، أو كنت مظلومًا.. فالصدقة هي الدواء لكل ذلك، وهذا ليس كلامًا يُشجع عليها إنما هو بمحض تجربة المسلمين فهو وعدٌ من النبي صلى الله عليه وسلم في حديثٍ شريف هو الذي لا ينطق عن الهوى.
روى أبو كبشة الأنماري: " ثلاثةٌ أقسِمُ عليْهنَّ وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوهُ قالَ ما نقصَ مالُ عبدٍ من صدقةٍ ولا ظلِمَ عبدٌ مظلمةً فصبرَ عليْها إلَّا زادَهُ اللَّهُ عزًّا ولا فتحَ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلَّا فتحَ اللَّهُ عليْهِ بابَ فقرٍ أو كلمةً نحوَها وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوهُ فقالَ إنَّما الدُّنيا لأربعةِ نفرٍ عبدٍ رزقَهُ اللَّهُ مالًا وعلمًا فَهوَ يتَّقي ربَّهُ فيهِ ويصلُ فيهِ رحمَهُ ويعلمُ للَّهِ فيهِ حقًّا فَهذا بأفضلِ المنازلِ.
وعبدٍ رزقَهُ اللَّهُ علمًا ولم يرزقْهُ مالًا فَهوَ صادقُ النِّيَّةِ يقولُ لو أنَّ لي مالًا لعملتُ بعملِ فلانٍ فَهوَ بنيَّتِهِ فأجرُهما سواءٌ وعبدٍ رزقَهُ اللَّهُ مالًا ولم يرزقْهُ علمًا يخبطُ في مالِهِ بغيرِ علمٍ لا يتَّقي فيهِ ربَّهُ ولا يصِلُ فيهِ رحمَهُ ولا يعلمُ للَّهِ فيهِ حقًّا فهو بأخبَثِ المنازلِ وعبدٍ لم يرزقْهُ اللَّهُ مالًا ولا علمًا فَهوَ يقولُ لو أنَّ لي مالًا لعملتُ فيهِ بعملِ فلانٍ فَهوَ بنيَّتِهِ فوزرُهما سواءٌ" صحيح الترمزي.
ومن خير الصدقات تلك التي تُنفق في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وإذا لم تكن تعرف كيف توفر لهم الخدمات، بادر بالتواصل مع جمعية أصدقاء القلب الخيرية، للتصدق أون لاين عبر موقعها الرسمي، سواء كنت ترغب بإخراج صدقه للحجاج أو بأي نوع آخر من الصدقات.
أشكال الصدقات للحجاج
ثمة أكثر من شكل لنوعية الصدقة التي يمكنك أن تُعين بها حجاج بيت الله الحرام، ويمكنك القيام بها بنفسك أو اختيار شخص توكله بقضائها لك.
- السقاية: من أفضل الصدقات وثوابها كبير جدًا، فقد ورد عن سعد بن عبادة: "أنَّ أُمَّهُ ماتت ، فقال : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أمي ماتت ، أفأتصدقُ عنها ؟ قال : نعم . قال : فأيُّ الصدقةِ أفضلُ . قال : سقْيُ الماءِ فتلك سقايةُ سعدٍ بالمدينةِ" صحيح النسائي.
- الإفطار: هو من أعظم الثواب عند الله، خاصة أن الحجاج بعرفات لا يكون لديهم متسع ليحضروا لأنفسهم طعامًا، روى زيد بن خالد الجهني: "مَن فطَّرَ صائمًا كانَ لَهُ مثلُ أجرِهِ ، غيرَ أنَّهُ لا ينقُصُ من أجرِ الصَّائمِ شيئًا" صحيح الترمزي.
- المظلات والكراسي: يمكنك شراء بعض الكراسي لكبار السن الذين لا يقدرون على المشي لمسافات طويلة، أو الكراسي سهلة الحمل للجلوس عليها، وكذلك بعض المظلات التي تحميهم من الحر.
- توزيع المصاحف: هو ثواب كبير لأن كل من سيقرأ في هذا المصحف سيكون لك أجر ما قرأ.
أي الصدقات أعظم أجرًا؟
ليس هناك نوع محدد من الصدقات ذكرها النبي هي الأفضل بعينها، لكنه حدد صلى الله عليه وسلم بعض المعايير لتكون كبيرة عند الله سبحانه وتعالى، حتى لو لم تدفع بها قيمة مادية كبيرة في الدنيا.
قال صلى الله عليه وسلم: "جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقالَ: أَما وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأنَّهُ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ البَقَاءَ، وَلَا تُمْهِلَ حتَّى إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كانَ لِفُلَانٍ. [وفي رواية]: غيرَ أنَّهُ قالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ" صحيح مسلم.
كذلك أن الصدقة الجارية هي من خير الأعمال التي تدوم لك في الدنيا، ويفضل أن يأتي إخراجك صدقه للحجاج على هذا الشكل.
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له" صحيح مسلم.
من أطيب الأعمال إخراج صدقه للحجاج عند اقتراب موسم الحج، خاصة إذا راعيت فيها أن تكون بأكثر ما يحتاجونه بهذا الوقت، وأن تكون من الصدقات الجارية التي تبقى تُدخل لك الحسنات حتى بعد رحيلك عند الدنيا.
اقرأ أيضًا: