حين توشك شمس رمضان على المغيب، ويُسدل الشهر المبارك ستاره الأخير، تأتي أعظم أبواب الشهر وأقدس اللحظات لتكون رحمة وفرصة للعباد.. العشر الأواخر من رمضان، ليالٍ مميزة لا تُشبه سواها، تنبعث الأرواح فيها وتُشحذ الهمهم للتقرب من الله تعالى، وتُبعث الأمل في نفوس أرهقها تقصيرها، ولذلك سنُعرفك على كيفية الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان بشكل جيد وصحيح.
كيفية الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان
في كل عام مع قدوم شهر رمضان تُمنح فرصة للعباد لا تُشبه سواها حتى وإن كثر تقصيرهم طوال الشهر، فتأتي بين يديهم فرصة يُعيد الله بها ترتيب أرواحهم.
فيقفوا بين يدي الله خاشعين، طامعين، مستغفرين.. العشر الأواخر، والتي تكون ميلادًا جديدًا للروح، فهل تعرف كيف تكون على أتم الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان؟ فيما يلي نُعلِمَك:
1- قطع العلائق وترتيب الأولويات
حقيقيةَ الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان يبدأ بانفصال القلب عن شواغل الحياة، وانصرافه التام لِما عند الله تعالى، فلا يمكن أن يجتمع صدق الطلب مع تشوّف النفس إلى الملهيات.
بل على المؤمن أن يُقلل من الأحاديث غير الضرورية، والطلعات، ويُخفف من التعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، ويُعطّل ما استطاع من علاقاته الدنيوية التي قد تسرق منه وقت الصفاء الروحي.
فالعشر الأواخر أيام خلوة، لا جَلَبة، وأيام سكينة لا صخب فيها أو قلق وتوتر وضيق، فيتمتع بكل لحظة تمر عليه لعلها تكون الأمل في الراحة والسكينة للقلب.
2- تنظيم الوقت
بالتأكيد تعلم أن الليالي التي تساوي عمرًا كاملًا لا يصح أن تُهدَر في غفلة أو كسل، ولهذا فيُحبذ وضع جدول من أجل الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان.
توضح في الجدول العبادات والأعمال التي يجب الالتزام بها، فهذه من أنجح وسائل الاستعداد، ومن أعظم الأعمال في تلك الأيام:
- قيام الليل والتهجد سواء كان في المنزل أو المسجد ويُحبذ الجماعة.
- قراءة القرآن والتدبر، فلا يكون مجرد ترديد لآياته الكريمة.
- الدعاء لله والإلحاح، دعاء موقنين لا ترديد للمحفوظات.
- الاستغفار والذكر في الأسحار خاصةً؛ حيث يتجلى فيه اللطف الإلهي ويُستجاب الدعاء.
3- الاعتكاف في المسجد
من أعظم القربات لله تعالى هي الاعتكاف في المسجد، ومن أجلّ ما يُتهيأ به لهذه الأيام التي لا تعوض، والمعدودة، يعيش العبد في هدوء المسجد بعيدًا عن عيون الناس فيها وضجيج الحياة.
إنها تكون خلوة صادقة، تراجع فيها نفسك، وتُصفي قلبك، وتُناجي ربك، وتبكي فيها على ما فاتك، ومن يستطع الاعتكاف الكامل فليعتكف قلبه ولو في بيته، ويجعل له ركنًا خاصًا لا يُخالطه فيه أحد، فيكون فيه وحده مع الله تعالى.
4- الاستغفار والذكر والدعاء
إن القلوب الصافية تكون الأقرب لرحمة الله تعالى، لذا فإن العشر الأواخر هي فرصة لتطهير القلب من الأحقاء، ولصفاء النفس من الحسد، ولطلب العفو للنفس والغير.
لذا فعلى العبد أن يكون مُلحًا في الدعاء لله تعالى، والاستغفار، والإكثار من الأدعية السُنة كما كان يُكثر النبي من دعاء: "اللهم إنك عفوٌ كريم تُحب العفو فاعفُ عني".
5- التحري الدقيق لليلة القدر
أعظم ما يُرتجى في العشر الأواخر هو إدراك ليلة القدر، وقد أخفاها الله في هذه الليالي رحمةً بعباده حتى يجتهدوا في العشر كلها وليس في ليلة بعينها.
فليكن اجتهاد العبد في كل الليالي على وتيرة واحدة من الخشوع والإخلاص، لعله يُصيب ليلة القدر دون أن يدري، فيُكتب له بها الخير كله.
6- الصدقة وأعمال البر
من الأعمال العظيمة التي تُضاعف الأجر في هذه الليالي هي الصدقة، والقيام بإطعام، والستر على المحتاجين، وكل عمل يُفرج به كربة المسلم، ولذلك أثناء الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان احرص على التصدق والعطاء خفيًا؛ لأن الخفاء في هذه الأعمال أدعى للإخلاص وأقرب للقبول.
القيمة الحقيقية للعشر الأواخر من رمضان
إن العشر الأواخر من رمضان ليست مجرد نهاية شهر، بل إنها تاجه وجوهرة، أيامٌ اختارها الله تعالى لتكون موضع ليلة القدر، وانتقاها لتكون محل اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم.
فهي فرصة جديدة لجميع المسلمين وكل من فاتهم السباق في أول الشهر، بإمكانهم أن يدركوا عظيم الأجر في الآخرة باغتنام تلك الليالي، فتمنحهم فرصة روحية.
لا سيما أنها موسم للتطهير والمغفرة والصفح الإلهي، وتحتوي على ليلة خيرٌ من ألف شهر.. ليلة القدر، تُصلح القلب، وتُغيّر النفسية، والأقدار كما أراد العبد من الله تعالى.
لذا على جميع المسلمين أن يكونوا متجهزين من أجل الاستعداد للعشر الأواخر من رمضان، واغتنام كل لحظة في التقرب لله عز وجل ونيل عظيم الثواب، واستبدال التشبب بالسكينة.
إن إدارة النفس في مواسم العبادة من علامات صدق الإيمان ونضج العقل، والعشر الأواخر من رمضان بمثابة ذروة هذا الشهر الفضيل، لذلك يجب أن تكون على أتم الاستعداد للياليه كافة ولا سيما العشر لتكون من الفائزين لا من النادمين كما أشرنا تفصيليًا آنفًا.
اقرأ أيضًا: