مع اقتراب شهر رمضان المبارك يبدأ المسلمون في تحضير أنفسهم للقيام بأفضل أعمال الخير بنيّة التقرب من الله عز وجل وكسب رضاه؛ حيث إنه الشهر الذي يحظى بمنزلة كبرى عند الله والمسلمين أجمعين، لما فيه من رحمات وبركات من الرب على عباده، ولذلك يتساءل البعض عن ماهية الزكاه في رمضان وأحكامها وشروطها.
حكم إخراج الزكاه في رمضان
تُمثل الزكاة ركن من أركان الإسلام الأساسية، والتي تعبر عن العطاء وحب مساعدة الغير، ولأن الله - عز وجل - حرص على تطهير أموالنا وتنقيتها وزيادة بركتها فرض علينا الزكاة، ولم تُدرج ضمن الواجبات الدينية فحسب، بل إنها وسيلة لتخفيف معاناة الفقراء والمحتاجين.
ولأن رمضان شهر الخير والبركات، يكثر فيه الجود والكرم، حتى روي عبدالله بن عباس عن النبيّ صلة الله عليه وسلم: "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" صحيح البخاري.
وعند الحديث عن وقت إخراج زكاة المال بشكلٍ عام فهي ليس لها وقت معين تُخرج فيه، وإنما ترتبط بمُضِيّ حول كامل على النصاب، ولا مشكلة أن تُقدم زكاة كل حول فتخرج في رمضان الذي قبله، لكن لا يجوز تأخيرها إلى رمضان الذي بعده.
أما الزكاه في رمضان أو ما تُعرف باسم زكاة الفطر فلا تُخرج إلا في شهر رمضان، وتجب على العائل عمن تلزمه نفقته بشرط أن يكون ميسور الحال، أما المعسر الذي لا يُفضَل بين قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه شيئًا فلا تجب عليه لأنه غير قادر.
مع العلم أنه لا يجب إخراج زكاة رمضان عن الجنين إذا لم يولد قبل مغرب ليلة العيد، لكن روي عن بكر بن عبدالله المزنيّ وقتادة أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه، لذا عُدَت بمثابة صدقة مستحبة وليست واجبة.
مقدار زكاة المال في رمضان
يُفضل بعض المسلمون إخراج الزكاة في شهر رمضان المبارك لما له من أهمية ومنزلة عظيمة، لذا يعجلون بإخراج زكاة مالهم في رمضان الذي قبل مرور حول على النصاب.
وهنا يبلغ مقدار زكاة المال 2,5% من المبلغ، أما إذا أتم الحول في رمضان يجب إخراج ربع العشر من المبلغ، مع العلم أن مقدار زكاة الذهب في رمضان 85 جرام من الذهب الخالص.
تبرع اونلاين الآن من خلال جمعية أصدقاء القلب الخيرية التي تستقبل زكاة المال والذهب، مع ضمان وصول زكاة أموالك إلى المحتاجين إلى الدعم الكامل من مرضى القلب.
أما عن زكاة الفطر فالأصل المنصوص عليه في السُنة النبوية هو إخراجها طعامًا وليس نقدًا، وقُدِّر مقداره بصاع من غالب قوت البلد، مثل القمح أو الأرز أو التمر، والصاع هو قياس قديم من العالم الإسلامي يساوي 2,04 كجم تقريبًا، ومن زاد على هذا القدر يعتبره صدقة يُثاب عليها.
وقد روي عبدالله بن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ" صحيح البخاري.
لكنّ إخراجها بما يعادل القيمة أمر جائز؛ لأن الهدف من الزكاة هو إغناء الفقير، وإعطائه مالًا هو الأقرب إلى منفعته، لأنه يستطيع شراء ما يحتاج إليه بهذه الأموال.
وقت إخراج الزكاه في رمضان
اختلف وقت إخراج زكاة رمضان وفقًا للمذاهب الأربعة، فيرى الشافعية والحنابلة أنها تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان، بينما يرى الحنفية أنها تجب بدخول فجر يوم العيد، وقد أجاز المالكية والحنابلة إخراجها قبل وقتها بيوم أو يومين.
لمن تُعطى زكاة رمضان؟
تُعطى زكاة رمضان للفقراء والمحتاجين في المقام الأول، وقد ذكر الله عز وجل 8 فئات ممن يستحقون الزكاة في آية مصارف الزكاة، في قوله تعالى:
"إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (سورة التوبة 60).
مع العلم أنه يجوز إعطاء الزكاة لشخص واحد، أو توزيعها على عِدة أشخاص، والاختيار بين هذين الخيارين يكون على أساس تحقيق سد الحاجة للفقير، فأيهما كان أبلغ في تحقيق الإغناء كان الأفضل، والمهم هو سد الاحتياجات الأساسية للفقير من الطعام والكساء والتعليم.
متى تكون الزكاة في شهر غير رمضان أفضل؟
يرغب الكثيرون في القيام بكل ما يقدرون عليه من أعمال الخير والطاعات والعبادات في شهر رمضان الكريم؛ لما فيه من مباركة للأعمال ومضاعفة للأجر، لكن عند الحديث عن الزكاه في رمضان فإن هناك حالات يكون فيها إخراج الزكاة في شهور غيره أفضل من إخراجها فيه.
مثل حدوث كارثة أو مجاعة في بلاد المسلمين، في هذه الحالة يكون إخراج الزكاة في هذا الوقت أفضل من إخراجها في رمضان وأعظم أجرًا، وكذلك إخراج الكثير من الناس للزكاة في رمضان لتلبية حاجات الفقراء، فلا يجدون حاجاتهم في غير رمضان.
وهنا يكون إخراج الزكاة في غير الشهر الكريم أفضل؛ حيث يكون بمثابة وسيلة للحفاظ على مصلحة الفقراء وضمان سد حاجاتهم في الشهور المختلفة وعلى مدار السنة.
تُمثل الزكاه في رمضان عطاء الإنسان ورغبته في مساعدة الغير من المحتاجين والفقراء، لا تفوّت فضل الزكاة وتأثيرها الإيجابي على حياتك وحياة من حولك، وتبرع الآن اونلاين من خلال جمعية أصدقاء القلب الخيرية التي تقدم أموالك لمن يحتاجون إليها أشد الاحتياج.
اقرأ أيضًا: