جاء الدين الإسلامي رحيمًا بالضعفاء والفقراء من المسلمين، مُحققًا للعدالة والتضامن الاجتماعي بينهم، ولذلك وُجِدت طرق لمساعدة الغير لها فضل عظيم مثل الزكاة والصدقة، وقِيل إن كل زكاة تُسمى صدقة، ولكن ليس كل صدقة تُسمى زكاة، ورُغم أن كلاهما له تأثير عظيم في دفع البلاء وتطهير النفس والتقرب إلى الله عز وجل، إلا أن بينهما وجوه اختلاف متعددة، تعرفها عندما تقارن بين الزكاه والصدقه تفصيلًا، إليك هذه الفروق الجوهرية في السطور القادمة.
قارن بين الزكاه والصدقه التطوعية
الزكاة هي ثالث ركن من أركان الإسلام الخمسة، ويكمن فضلها في اسمها؛ حيث يعني البركة والتطهير والنماء، والهدف منها هو دعم الفئات الأكثر فقرًا في المجتمع وإغنائهم، وقد روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: "بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ" صحيح البخاري.
بينما الصدقة هي عمل خيري تطوعي ليس إلزامي، وكذلك يكمن فضلها في اسمها؛ حيث إنه مأخوذ من الصدق، لأنه دليل على صدق المسلم في إيمانه ووسيلة ابتغاء مرضاته عز وجل، لذا إذا قال لك أحد قارن بين الزكاه والصدقه ستجد الكثير من أوجه الاختلاف من حيث جوانب متعددة، تأتي على النحو التالي:
أولًا: من حيث الحكم
الزكاة هي فرض واجب على كل مسلم من ثروته في أشياء محددة، مثل الزروع، الذهب، الأنعام، عروض التجارة، وغير ذلك، ومن أنكر فرضيتها أو منعها فهو كافر، كما أن لها شروط معينة، مثل:
- الزكاة واجبة على المسلم العاقل البالغ، الذي يملك من المال مقدار نصاب الزكاة.
- أن يكون المال قابل للنماء والزيادة، أو أن يكون مصدر للمال يعود على صاحبه بالنفع.
- استقرار مال الزكاة عند صاحبه وامتلاكه له، وليس دينًا أو أمانة استودعها أحدهم عنده.
- أن يكون من المال الزائد عن حاجة المسلم، وليس من المال الذي ينفق به على نفسه ورعيته.
- أن يمر على امتلاك المال سنة كاملة، وينطبق ذلك على السلع والأنعام والعروض أيضًا.
- إخراج 2,5% من المال البالغ حد النصاب، أو ما يُعادل 85 جرام من الذهب بسعره الحالي.
أما الصدقة فهي نافلة وغير واجبة، ويجوز إخراجها على هيئة أي شيء يجود به الإنسان دون تحديد صنف معين، ولا يُشترط لإخراجها شروط، ويُمكن إخراجها في أي وقت، وبدون مقدار محدد، أي بما يستطيع عليه المرء حتى ولو كان بسيطًا؛ لأنها لا يُشترط لإخراجها أن يكون الفرد غنيًّا.
ثانيًا: من حيث الفئات المستحقة
حدد الشرع الإسلامي 8 فئات معينة تستحق الزكاة، والأفضل أن يكونوا من أهل البلد، ولا يجوز إعطائها لغيرهم، وكذلك لا تُخرج للغنيّ أو القادر على كسب قوت يومه، وقد جاء الدليل على ذلك في آية مصارف الزكاة في القرآن الكريم، في قوله تعالى:
"إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (سورة التوبة 60)، وتمثلت هذه الفئات فيما يلي:
- الفقير: هو الشخص المحتاج أشد الحاجة والذي لا يقدر على كسب ما يحتاجه، وهو في مرتبة أقل من المسكين.
- المسكين: هو الشخص الذي يقدر على كسب القوت لكن بأقل مما يحتاج إليه، ولا يقدر على سد احتياجاته كاملةً.
- العاملون عليها: هم المُكلفون بجمع أموال الزكاة وحمايتها وتوزيعها من قِبل الدولة، فتكون رواتبهم من مال الزكاة.
- المؤلفة قلوبهم: هم أسياد وزعماء المشركين الذين يدخلون في الإسلام حديثًا فتُعطى لهم الزكاة تأليفًا لقلوبهم واتقاءً لشرهم.
- في الرقاب: هم العبيد والأسرى الذين يدفعون المال مقابل الحصول على حريتهم من أسيادهم.
- الغارمون: هم الغارقون في الديون لأسباب حلال وليست حرام كالخمر والميسر، بشرط ألا يكون الدين مؤجل.
- في سبيل الله: هم من يقاتلون في سبيل الله ولا راتب لهم، فتُخرج الزكاة لسد حاجاتهم وشراء أدوات الحرب وغير ذلك.
- ابن السبيل: هو الغريب الذي انقطع عن ماله وأهله في بلد غير بلده، تُخرج له الزكاة لمساعدته على العودة لوطنه.
أما الصدقات فلم يُحدد لها فئات مستحقة، فيجوز إخراجها لأي شخص يحتاج إليها سواء كان قريبًا أو بعيدًا، ويجوز إعطاؤها للأصول أو الفروع، وكذلك يُمكن إخراجها لمن يقدر على كسب قوته، لكن يُفضل إخراجها للأشد احتياجًا، مع العلم أنه يُمكن ألا تُخرج الصدقة لشخصٍ بعينه، وإنما تكون كمساعدة في بناء المساجد والمستشفيات مثلًا.
ثالثًا: الثواب والعقاب
يُعذب تارك الزكاة ومانعها إذا كان يستوفي شروط إخراجها ولم يفعل، وإذا مات الإنسان وعليه زكاة لم يخرجها وجب على ورثته إخراجها من ثروته، ويكون لها الأولوية على الوصيّة وتوزيع الميراث، ولا يجوز إعطائها لأفراد من العائلة سواء كانوا أصول أو فروع، مثل الأب أو الابن، وقد ثبت وجوب الزكاة في مواضع عديدة من آيات القرآن الكريم، مثل قوله تعالى:
"وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" (سورة البقرة 43)، وهنا صيغة الأمر تُفيد الوجوب، أما الصدقة فلا يُعذب تاركها لأنها نافلة تطوعية، وإذا مات المرء دون أن يخرج صدقة لا تُخرج من تركته عندما يموت، وإنما يكسب فضلها، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: "إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَٰعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ" (سورة الحديد 18)
مؤسسة أصدقاء القلب الخيرية تستقبل الزكاة والصدقات
أُطلقت العديد من الجمعيات الخيرية التي تستقبل الصدقة والزكاة على حدٍ سواء لتسهيل عملية إخراج كلًا منهما وتوصيل الأموال إلى مستحقيها وأشد المحتاجين إليها، ومن بينها جمعية أصدقاء القلب الخيرية التي تتيح لك تقديم صدقتك أو زكاتك بخطوات بسيطة، وتسمح لك باختيار الجهة التي ترغب في مساعدتها من بين حالات متعددة، مثل:
- المساهمة في إجراء عمليات القلب المفتوح للمرضى من كل الفئات العمرية.
- إخراج الزكاة سواء على هيئة أموال أو ذهب.
- تقديم المساعدات الطبية بأكثر من شكل، مثل توفير أموال الفحوصات الدورية، شراء الأجهزة الطبية، شراء الأدوية، سيارة نقل المرضى، وغير ذلك الكثير.
- التبرع العام بدعم الأمهات التي تحتاج إلى عمليات القلب المفتوح، إخراج صدقة شكر النعم، عمليات القلب الطارئة للأطفال، أو الاشتراك في الصدقة اليومية.
تُخرج الزكاة بهدف تنفيذ أوامر الله عز وجل وإكمال أركان الإسلام وتزكية الأموال، بينما تُخرج الصدقات لتحصيل الأجر العظيم والتقرب إلى الله عز وجل، وبعد أن عرفت كيف تقارن بين الزكاه والصدقه لا تتردد في تطهير أموالك بإخراج أيًا منهما من خلال جمعية أصدقاء القلب الخيرية التي تسمح لك بتقديم الصدقة والزكاة بأكثر من شكل؛ قدِّم صدقتك أو زكاتك وطهّر أموالك بمساعدة المحتاجين من المرضى وغير القادرين.
اقرأ أيضًا: